الخميس، 21 أغسطس 2014

Image

العدد الأول 01 مجلة حروف للدراسات التاريخية

العدد الأول 01 مجلة حروف للدراسات التاريخية أوت 2014



افتتاحية العدد
يقال أن التاريخ يكتبه المنتصر وأن وراء حروف العقول التي تتدفق على قراطيس التوثيق مرسومة بريشة بنّاء محترف يرصّ الطوبَ على الطريقة التي يراها، وللأسف، يجدر بنا في كثير من الأحيان الاعتراف بما قيل، لا لإن الحقيقة تكمن فيه، ولكن لأننا في واقع الحال قلّ أن نبحث عن الحقيقة التي يزيّفها الآخرون.
إن التاريخ الذي يكتبه غيرنا عنّا هو تاريخ ضعفنا وتخاذلنا أمام الحقيقة لا تاريخنا كحقيقة، ببساطة لأننا لم نتكاتف في جسد واحد تحريرا لعقولنا ونضالا في سبيل قضية المعرفة وجهادا في سبيل الحقائق التاريخية، ببساطة لأننا لم نزل نتخبط في دوامة النظر إلى الغير والغفلة عن الذات.
التاريخ ليس ما تصنعه الصدف ولا مكائد الاستعمار ولكن ما تصنعه الشعوب ذاتها في أوطانهاهكذا تكلم مالك بن نبي عن الحقيقة التاريخية التي تصنعها الشعوب، ومعه نقف مرغمين لإعادة النظر إلى ثقافتنا وخيالنا الجماعي في صناعة التاريخ وكتابته.
القضية في الحقيقة ليست قضية ساسة ولا اقتصاديين فحسب ولكنها بالدرجة الأولى قضية مفكرين وباحثين وعلماء ومثقفين أي أنها بالدرجة الأولى قضية نخبة نراها تتقدم بكل جرأة إلى الوراء، وهذا ما يحبط روح المشاركة الشعبية في تغيير الذهنية الجماعية وإحداث ثورة حقيقية في الثقافة والمجتمع.
إن الفجوة الكبرى التي أحدثتها الغفلة عن الذات بين النخبة والمجتمع مهما قيل عن اندماج هؤلاء في هؤلاء هي الحلقة المفقودة في صناعة ثورة ثقافية باحثة عن الحقيقة، وهنا صدق غيرنا حين قال أن التاريخ يكتبه المنتصورن، والخيبة الكبرى هي أن نظن أننا في حال جيدة، وعلى رأي القدماء:
فإنْ كُنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ      وإنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
يجدر بنا التأكيد بكل روح إنسانية على ضرورة كسر الحاجز الذي يفصل بين النخبة والمجتمع من أجل كسر كيان الثقافة الهدّامة التي تجلّت حتى في طبيعة تفكير المجتمع حول التاريخ القومي والذاكرة الوجودية له، فطالما نسمع ولطالما تتكرر على آذاننا تلك المقولة المغرضة بأن تاريخنا مشوّه وأنه مزيّف وأنه كُتب بقلم العصبية وبيد الرفعة واللاواقعية أو تلك التي تقول أن تاريخنا ينضوي تحت لواء المستعمر.
إنّ الحروف التي تطبعها الماكينات إن صحّ التعبير تُكتب من أجل غاية لا ننشدها وبواقعية سحرية لا أساس لها من الصحة بل وربما يصل الأمر أحيانا إلى التزييف والتحريف والتشويه المقصود بقلم غيرنا، إلى درجة أن أوصلنا هؤلاء إلى أن نقول ما أرادوه: تاريخنا مزور.
ولكن، لماذا لا نتفكر في هذا التاريخ وتلك الشخصيات التي لم يزل صدى صوتها يتردد في تفكيرنا وتفكير غيرنا من الغربيين، هل سيوصلنا غيرنا إلى القول أن تلك الشخصيات لم تكن أصلا أوأنها مجرد قصص خيالية صنعنا منها أساطير حضارتنا؟ نتمنى أن لا يحدث هذا.


0 التعليقات:

يمكنك التعليق بحساب فيسبوك : يرجى مطالعة شروط التعليقات قبل نشرها من هنا كما يمكنك متابعة صفحتنا على الفيسبوك من هنا
يمكنك التعليق بحساب غوغل : يرجى مطالعة شروط التعليقات قبل نشرها من هنا كما يمكنك متابعة صفحتنا على غوغل بلـس من هنا